تحضير أغذية عالية البروتين

 

 

 

 

     

إن مشكلة نقص الغذاء في العالم وخاصة الأغذية البروتينية وانتشار أمراض سوء التغذية تحظى باهتمام الأوساط العلمية والمنظمات الدولية والحكومات وخاصة في الأقطار النامية ومنها الأقطار العربية. وأن الشخص الواحد في الدول النامية يتناول نصف كمية البروتين التي يتناولها الشخص الواحد في الدول المتقدمة أي أن هناك انخفاضا في معدل البروتين المستهلك في الدول النامية وكذلك هناك انخفاض في نوعيته. ولذلك تظهر الأمراض المرتبطة بسوء التغذية والتي تختلف نسب ظهورها من بلد إلى آخر.

تعد الحبوب ومنتجاتها من المصادر الغذائية الرئيسية للطاقة والبروتين لمعظم سكان العالم، و قد قدرت الإحصائيات بأن الحبوب تجهز حوالي 51.2% من السعرات الحرارية و 47.2% من البروتين المستهلك في الغذاء اليومي، وعلى الرغم من أهمية الحبوب كمصدر بروتيني فإن بروتيناتها تعد ناقصة نظرا لنقص العديد من الأحماض الأمينية الأساسية و يعتبر اللايسين الحامض الأميني المحدد الأول و يليه الثريونين و التربتوفان بالدرجة الثانية والثالثة على التوالي. يعد بروتين الحبوب ذا قيمة تغذوية واطئة ونسبة كفاءة البروتين Protein Efficiency Ratio (PER)   أقل من 1.5 لذا عند إضافة بروتينات البقوليات و /أو البروتينات الحيوانية إلى بروتين الحبوب تنتج مكونات لبروتين جديد يحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية في الوجبة الغذائية و يتميز هذا البروتين بأن له قيمة غذائية عالية وال PER له تكون 2.5 أو أكثر.

تحسين القيمة الغذائية لبروتين القمح بالتدعيم

 تختلف كمية البروتين ونوعيته من مصدر غذائي إلى آخر والعامل المحدد للقيمة الغذائية هو وجود جميع الأحماض الأمينية الأساسية في ذلك البروتين وبنسبة تقارب حاجة الجسم لها.

تعد بروتينات الحبوب فقيرة النوعية وذلك لنقصان اللايسين بالدرجة الأولى وإن التعويض عن هذا النقصان يتم إما بإضافة هذا الحامض بصورة نقية أو بإضافة مصادر بروتينية ذات مستوى عال من هذا الحامض الأميني لتحسين القيمة الغذائية لبروتيناتها. تعد البروتينات الحيوانية ذات قيمة غذائية عالية نظرا لاحتوائها على جميع الحوامض الأمينية الأساسية وبكمية عالية وبنسب متوازنة مع حاجة الجسم إلى حد كبير، بينما نجد معظم البروتينات الأخرى خصوصا النباتية ذات قيمة غذائية منخفضة، لأنها تعاني من نقص واحد أو اكثر من هذه الحوامض الأمينية الأساسية، و أن نسب الأحماض الأمينية الأساسية إلى مجموع الحوامض الأمينية الكلية واطئة عموما. وقد يحصل الإنسان على حاجته من  البروتين من مصادر نباتية كالحبوب بصورة رئيسية كما في معظم الدول النامية أو لذوي الدخل المحدود.

إن التدعيم بمصادر بروتينية ذات مستوى عال من اللايسين يرفع نوعية وكمية بروتين الحبوب و منتجاتها، و كذلك يفي تقريبا بمتطلبات الفيتامينات والمعادن على العكس من التدعيم بالأحماض الأمينية النقية. إن عملية خلط البروتينات النباتية لإنتاج بروتين ذي قيمة غذائية عالية من الأمور المهمة في الدول النامية والفقيرة وبصورة خاصة التي تعاني من مشكلة نقص في البروتينات الحيوانية ذات القيمة الغذائية العالية والمكلفة من حيث إنتاجها في مثل هذه الدول ولهذا فإن هناك محاولات كثيرة سابقة وحالية باستخدام أنواع مختلفة من المصادر البروتينية غير المكلفة لإنتاج خلطات ذات قيمة غذائية عالية للتعويض عن نقص البروتينات الحيوانية. تمت الإشارة إلى ضرورة دعم دقيق القمح بدقيق فول الصويا الغني باللايسين لرفع القيمة الغذائية حيث أن محتوى بذور فول الصويا من هذا الحامض 7.0غم/ 16 غم نيتروجين علما بأن الاحتياجات الفردية اليومية من اللايسين كما حددتها منظمة FAO/WHO هي 5.8غم / 16 غم نيتروجين.

يعد الخبز و منتجات الدقيق الأخرى من أهم المنتجات الغذائية على الإطلاق لأنها ذات تماس مباشر مع حياة المواطنين ويمثل الخبز الغذاء الرئيسي لجميع شعوب العالم لذا حظي بالعديد من الدراسات من قبل الكثير من الباحثين. وعلى الرغم من أن المعجنات لا تعد وجبة رئيسية للمستهلك إلا أن الباحثين أنجزوا العديد من الدراسات حول تدعيم الدقيق لإنتاج نوع يطلق عليه معجنات عالية البروتين والتي يتوقع الباحثون أن تسد جزءا من متطلبات الجسم من البروتين ولذا تم اختيار تدعيم منتج البسكويت لنفس السبب السابق، إضافة إلى أن البسكويت يكتسب أهمية في كونه ذي قيمة غذائية عالية خاصة إذا أضيف إليه بعض المواد المدعمة مثل المصادر السكرية والدهون التي ترفع من السعرات الحرارية الناتجة. ويستمد البسكويت والكعك أيضا أهمية في كونه سلعة غذائية سهلة التداول بين تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات في عبواتها الصغيرة والتي يمكن أن تعد وتصنع بحيث تناسب المستويات والدخول كافة، كما أنها سهلة الحفظ والتخزين و يمكن تصديرها للدول البعيدة دون أن تتعرض إلى الفساد، إذ أن انخفاض الرطوبة الكلية يساعد على إمكانية خزنها في ظروف جوية متباينة من درجة الحرارة و الرطوبة.

إن عملية التدعيم بالمصادر البروتينية تشمل استخدام دقيق فول الصويا وكذلك بروتين الصويا المعزول لصناعة الخبز والبسكويت حيث يمكن أن ترفع نسبة البروتين في المنتج بمقدار 60-100% مما كانت عليه. كذلك يمكن إجراء التدعيم المتبادل بين دقيق القمح الفقير باللايسين ودقيق الحمص الغني بهذا الحامض علما بأن معظم البقوليات  فقيرة بمحتوى المثيونين، كما يمكن استخدام مركز بروتين الفول  لغرض تدعيم الخبز و المعجنات ومنتجات المعكرونة, كذلك يمكن استخدام مركز بروتين فستق الحقل كبديل للبروتينات الحيوانية لتدعيم المنتجات المخبوزة وخصوصا بروتين فستق الحقل المعزول حيث أنه يحتوي على نسبة 90% بروتين و الذي يمكن أن يستخدم لإنتاج بسكويت عالي البروتين أما منتجات الألبان فهي أكثر المصادر البروتينية التي تحسن نوعية بروتين منتجات المخابز معنويا وتشمل على الكازينات ومركز بروتين الشرش واللاكتو ألبومين. والقيمة البيولوجية لبروتين الحليب تعد بروتينات تكميلية لمنتجات الحبوب و ذلك للارتفاع النسبي لمستوى الحامض الأميني اللايسين . وتأتي أهمية تدعيم دقيق القمح بالشرش كونه غني بالمعادن والفيتامينات الذائبة بالماء واللاكتوز وكذلك اللاكتوكلوبيولين و اللاكتوالبيومين، وإن إضافة الشرش الحامضي  لمنتجات المخابز يأتي من كونه يحتوي على توازن ممتاز للأحماض الأمينية. كما يمكن أن يستخدم دقيق السمسم مزال الدهن لتدعيم دقيق القمح لإنتاج الكعك والمعجنات واللازانيا بالإضافة إلى ذلك فإن دقيق الرز العالي البروتين High Protein Rice Flour يمكن أن يستخدم مع دقيق الماش Mungbean   لاستخدامه كمدعم لأغذية الأطفال تحت عمر سنتين، حيث يمكن أن يستخدم في تحضير البسكويت وهذا الخليط مناسب كونه يساهم في متطلبات الطاقة والبروتين و خاصة في الدول قليلة الدخل.

لذلك يمكن الاستنتاج بأنه يمكن أن تصنع أغذية عالية البروتين باستبدال نسب متفاوتة من مصادر البروتين المختلفة، ودراسة صفاته النوعية والحسية وكذلك دراسة القيمة البيولوجية والتغذوية للخلطات التي يتم اختيارها حتى تكون وجبات غذائية جاهزة للمستهلك تسد جزءا من متطلبات الجسم من البروتين.

 

د. سلمى سلمان عبد الحسين

جامعة العلوم و التكنولوجيا

قسم التغذية و التصنيع الغذائي